كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي قوله: {وأرضُ الله واسعةٌ} قولان:
أحدهما: أنه حَثٌّ لهم على الهِجرة من مكَّة إِلى حيث يأمنون.
والثاني: أنها أرض الجَنَّة رغَّبهم فيها.
{إنِّما يوفَّى الصَّابرون} الذين صبروا لأجل الله تعالى على مانالهم {بغير حساب} أي: يُعْطَون عطاءً كثيرًا أوسعَ من أن يُحْسَب وأعظمَ من أن يُحاطَ به، لا على قَدْر أعمالهم.
قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ} قال مقاتل: وذلك أن كُفّار قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حَمَلك على الذي أتيتَنا به؟! ألا تنظُر إِلى مِلَّة آبائك فتأخذ بها؟! فنزلت هذه الآية.
والمعنى {قل إِنِّي أُمِرْتُ أنْ أعبُد الله مُخْلِصًا له الدِّينَ} أي: أُمِرْتُ أن أعبُدَه على التوحيد والإِخلاص السالم من الشّرك، {وأُمِرْتُ لأَنْ أكونَ أوَّلَ المُسْلِمِينَ} من هذه الأُمَّة.
{قُلْ إِنِّي أخافُ إِنْ عَصَيْتُ ربِّي} بالرجوع إلى دين آبائي، {عذابَ يَوْمٍ عظيمٍ} وقد اختلفوا في نسخ هذه الآية كما بيَّنّا في نظيرتها في [الأنعام: 15].
{قُلِ اللهَ أعبُدُ مُخْلِصًا له دِيني} بالتوحيد، {فاعبُدوا ماشِئتُم} وهذا تهديد، وبعضهم يقول: هو منسوخ بآية السيف، وهذا باطل، لأنه لو كان أمرًا، كان منسوخًا، فأمّا أن يكون بمعنى الوعيد، فلا وجه لِنَسْخه.
{قُلْ إِنَّ الخاسرينَ الذين خَسِروا أنفسُهم} بأن صاروا إِلى النار.
وخسروا {أهليهم} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم خَسِروا الحُور العين اللَّواتي أُعْدِدْنَ لهم في الجنة لو أطاعوا، قاله الحسن وقتادة.
والثاني: خَسِروا الأهل في النَّار، إِذ لا أهَل لهم فيها، قاله مجاهد، وابن زيد.
والثالث: خَسِروا أهليهم الذين كانوا في الدنيا، إِذ صاروا إلى النار بكُفرهم، وصار أهلوههم إِلى الجَنَّة بإيمانهم، قاله الماوردي.
قوله تعالى: {لهم مِنْ فَوقهم ظُلَلٌ مِنَ النّار} وهي الأطباق من النار.
وإِنما قال: {ومِنْ تحتهم ظُلَلٌ} لأنَّها ظُلَلٌ لِمَنْ تحتَهم {ذلك} الذي وصف اللهُ من العذاب {يُخَوِّفُ اللهُ به عباده} المؤمنين.
قوله تعالى: {والذين اجتَنَبوا الطّاغوتَ} روى ابن زيد عن أبيه أن هذه الآية والتي بعدها نزلت في ثلاثة نَفَرٍ كانوا في الجاهلية يوحِّدون الله تعالى: زيدِ ابن عمرو بن نُفَيل، وأبي ذَرّ، وسلمان الفارسي، رضى الله عنهم؛ قال: {أولئك الذين هداهم اللهُ} بغير كتاب ولا نبيّ.
وفي المراد بالطّاغوت هاهنا ثلاثة أقوال.
أحدها: الشياطين، قاله مجاهد.
والثاني: الكهنة، قاله ابن السائب.
والثالث: الأوثان، قاله مقاتل، فعلى قول مقاتل هذا إنما قال: {يعبُدوها} لأنها مؤنَّثة.
وقال الأخفش: إنما قال: {يعبُدوها} لأن الطّاغوت في معنى جماعة، وإن شئتَ جعلتَه واحدًا مؤنَّثًا.
قوله تعالى: {وأنابوا إِلى الله} أي: رجَعوا إِليه بالطّاعة {لهم البُشْرى} بالجنة {فبَشِّر عبادي} بباءٍ، وحرَّك الياء أبوعمرو.
ثم نعتهم فقال: {الذين يستمِعونَ القول} وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه القرآن، قاله الجمهور.
فعلى، هذا في معنى {فيَتَّبعونَ أحسنه} أقوال.
قد شرحناها في [الأعراف: 145] عند قوله: {وأمُرْ قَوْمَكَ يأخُذوا بأحسنها}.
والثاني: أنه جميع الكلام.
ثم في المعنى قولان:
أحدهما: أنه الرَّجُل يَجْلِس مع القوم فيَسْمَع كلامهم، فيَعمل بالمحاسن ويحدِّث بها، ويَكُفُّ عن المساوىء ولايُظْهِرها، قاله ابن السائب.
والثاني: أنه لمّا ادَّعى مسيلمة أنه قد أتى بقرآن، وأتت الكهنة بالكلام المزخرَف في الأباطيل، فرَّق المؤمنون بين ذلك وبين كلام الله، فاتَّبَعوا كلامَ الله، ورفضوا أباطيل أولئك.
قاله أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عليه كَلِمَةُ العذابِ} قال ابن عباس: سبق في عِلْم الله أنَّه في النّار.
فإن قيل: كيف اجتمع في هذه الآية استفهامان بلا جواب؟
قيل: أمّا الفراء، فإنه يقول: هذا ممّا يُراد به استفهام واحد، فسبق الاستفهامُ إِلى غير موضعه فَرُدّ إِلى موضعه الذي هو له، فيكون المعنى: أفأنتَ تُنْقِذ مَنْ في النارِ مَنْ حَقَّت عليه كلمة العذاب؟ ومثله {أَيَعِدُكُمْ أَتَّكُمْ إِذا مِتُّم وكُنْتُم تُرَابًا وعِظامًا أَنَّكُم مُخْرَجُون} [المؤمنون: 35] فرَدّ {أنَّكُْ} مرتين، والمعنى: أَيَعِدُكُم أنكم مُخْرَجون إِذا مِتُّم؟ ومثله {لا تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ بما أَتَوْا} [آل عمران: 188] ثم قال: {فلا تَحْسَبَنَّهُمْ} [آل عمران: 188] فرَدَّ {تَحْسَبَنَّ} مرتين، والمعنى: لا تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ بمفازة من العذاب.
وقال الزجاج: يجوز أن يكون في الكلام محذوف، تقديره: أفمن حَقَّ عليه كلمةُ العذاب فيتخلَّص منه أو ينجو، أفأنت تنقذه؟ قال المفسِّرون: أفأنت تخلّصه ممّا قُدِر له فتجعله مؤمنًا؟ والمعنى: ما تقدر على ذلك.
قال عطاء: يريد بهذه الآية: أبا لهب وولده ومن تخلَّف من عشيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الإِيمان.
قوله تعالى: {لكِن الذين اتَّقَوا} وقرأ أبو المتوكل، وأبوجعفر: {لكِنَّ} بتشديد النون وفتحها قال الزجاج: والغُرَف هي: المنازل الرفيعة في الجنة، {مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ} أي: منازل أرفع منها.
{وَعْدَ اللهِ} منصوب على المصدر؛ فالمعنى: وعَدَهم اللهُ غُرَفًا وَعْدًا.
ومن قرأ: {وَعْدُ الله} بالرفع؛ فالمعنى: ذلك وَعْدُ اللهِ.
قوله تعالى: {أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} قال الشعبي: كُلُّ مافي الأرض فمن السَّماء ينزل {فسَلَكَه يَنابيعَ} قال ابن قتيبة: أي: أدَخَلَه فجعله ينابيعَ، أي: عُيونًا تَنْبُعُ، {ثًمَّ يَهيجُ} أي: يَيْبَسُ.
قال الأصمعي: يقال للنَّبت إِذا تَمَّ جَفافُه: قد هاجَ يَهِيجُ هَيْجًا.
فأمّا الحُطام، فقال أبو عبيدة: هو ما يَبِسَ فتَحاتَّ من النَّبات، ومثله الرُّفات.
قال مقاتل: هذا مَثَلَ ضُرب الدُّنيا، بينا ترى النبت أخضر، إذ تغيَّر فَيبِسَ ثُمَّ هَلَكَ، وكذلك الدُّنيا وزينتُها.
وقال غيره: هذا البيان للدّلالة على قدرة الله عز وجل.
قوله تعالى: {أفمَنْ شَرَحَ اللهُ صدره} قال الزجاج: جوابه متروك، لأنَّ الكلام دالٌّ عليه، تقديره: أفمن شَرَحَ اللهُ صدره فاهتدى كمن طبع على قلبه فلم يَهْتَد؟ ويُدلُّ على هذا قوله: {فوَيْلٌ للْقاسية قلوبُهم} وقد روى ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية، فقلنا: يا رسول الله وما هذا الشَّرْحُ؟ فذكر حديثا قد ذكرناه في قوله: {فمَنْ يُرِدِ الهُ أن يُهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ للاسلامِ} [الأنعام: 125].
قوله تعالى: {فهُوَ على نُورٍ} فيه أربعة أقوال.
أحدها: اليقين، قاله ابن عباس.
والثاني: كتاب الله يأخذ به وينتهي إليه، قاله قتادة.
والثالث: البيان، قاله ابن السائب.
والرابع: الهُدى، قاله مقاتل.
وفيمن نزلت هذه الآية؟ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها نزلت في أبي بكر الصِّدِّيق وًابيّ بن خَلَف.
رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: في عليّ وحمزة وأبي لهب ووولده قاله عطاء.
والثالث: في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {فوَيْلٌ للقاسية قُلوبُهم من ذِكْر الله} قد بيَّنّا معنى القساوة في [البقرة: 74].
فإن قيل: كيف يقسو القلب من ذِكْر الله عز وجل؟
فالجواب: أنه كُلَّما تُلِيَ عليهم ذِكْرُ الله الذي يكذِّبونَ به، قَسَت قلوبُهم عن الإيمان به.
وذهب مقاتل في آخَرِين إِلى أنَّ {مِنْ} هاهنا بمعنى عَنْ، قال الفراء: كما تقول: أُتْخِمْتُ عن طعام أكلتُه، ومِنْ طعام أكلتُه؛ وإِنما قَسَت قلوبُهم مِنْ ذِكْر الله، لأنهم جعلوه كذبًا فأقسى قلوبَهم؛ ومن قال: قَسَت قلوبُهم عنه، أراد: أَعرضتْ عنه.
وقد قرأ أُبيُّ ابن كعب، وابن أبي عبلة، وأبو عمران: {قُلوبُهم عن ذِكْر الله} مكان قوله: {منْ}.
قوله تعالى: {اللهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحديث} يعني القرآن، وقد ذكرنا سبب نزولها في أول يوسف.
قوله تعالى: {كتابًا متشابهًا} فيه قولان:
أحدهما: أن بَعْضهُ يشْبِه بَعْضًا في الآي والحروف، فالآية تُشْبِه الآية، والكَلِمَة تُشْبِه الكَلِمة، والحَرْفُ يُشْبِه الحَرْفَ.
والثاني: أن بَعْضَه يصدِّق بَعْضًا، فليس فيه اختلاف ولا تناقض.
وإنما قيل له: {مَثانيَ} لأنه كُرِّرت فيه القصص والفرائض والحدود والثَّواب والعقاب.
فإن قيل: ما الحكمة في تكرار القصص، والواحدة قد كانت تكفي؟
فالجواب: أن وفود العرب كانت تَرِدُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيُقرئهم المسلمون شيئًا من القرآن، فيكون ذلك كافيًا لهم، وكان يَبْعَثُ إلى القبائل المتفرِّقة بالسُّوَر المختلفة، فلو لم تكن الأنباء والقصص مثنّاة مكرَّرة، لوقعتْ قصةُ موسى إِلى قوم، وقصةُ عيسى إِلى قوم، وقصةُ نوح إِلى قوم، فأراد الله تعالى أن يشهر هذه القصص في أطراف الأرض ويُلْقِيَها إِلى كل سَمْع، فأمّا فائدة تكرار الكلام من جنس واحد، كقوله: {فبأيِّ آلاءِ ربِّكما تكذِّبان} الرحمن، وقوله: {لا أعبدُ ما تعبُدونَ} الكافرون وقوله: {أَوْلَى لَكَ فأَوْلًى} [القيامة: 34 35] {وما أدراك ما يومُ الدّينِ} [الانفطار: 17 18] فسنذكرها في سورة {الرحمن} عز وجل.
قوله تعالى: {تَقْشَعِرُّ منهُ جلودُ الذين يَخْشَوْنَ ربِّهم} أي: تأخذُهم قشعريرة، وهو تغيُّر يحدُث في جِلْد الإِنسان من الوَجَل.
وروى العباس ابن عبد المطلب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذا اقشعرَّ جِلْد العَبْد من خَشْية الله، تَحاتَّتْ ذُنوبُه كما يتحاتُّ عن الشجرة اليابسة ورقُها».
وفي معنى الآية ثلاثة أقوال.
أحدها: تَقْشَعِرُّ من وَعيده، وتَلين عندَ وعْده، قاله السدي.
والثاني: تَقْشَعِرُّ من الخَوْف، وتَلِينُ من الرَّجاء.
والثالث: تَقْشَعِرُّ الجُلود لإِعظامه، وتَلِينُ عند تلاوته، ذكرهما الماوردي.
وقال بعض أهل المعاني: مفعول الذِّكْر في قوله: {إِلى ذِكْر اللهِ} محذوف، لأنه معلوم؛ والمعنى: تَطْمَئنُّ قلوبُهم إِلى ذِكْر اللهِ الجنةَ والثوابَ.
قال قتادة: هذا نَعْتُ أولياء الله، تقشَعِرُّ جلودُهم وتَلِينُ قلوبُهم، ولم يَنْعَتْهم بذَهاب عُقولهم والغِشْيان عليهم، إنَّما هذا في أهل البِدَع.
وهذا من الشَّيطان.
وقد روى أبو حازم، قال: مَرَّ ابنُ عمر برجُل ساقط من أهل العراق، فقال: ما شأنُه؟ فقالوا: إنه إذا قرئ عليه القرآن يُصيبه هذا.
قال: إِنّا لنَخشى اللهَ عزّ وجلّ، وما نَسْقُط.
وقال عامر بن عبد الله بن الزبير: جئتُ أبي، فقال لي: أين كنتَ؟ فقلت: وجدتُ قومًا، ما رأيت خيرًا منهم قَطٌّ، يذكُرون الله عز وجل فيُرعَد واحدهم حتى يُغْشَى عليه من خَشْية الله عز وجلّ، فقعدتُ معهم، فقال: لا تقعُد معهم بعدها أبدًا.
قال: فرآني كأني لم يأخذ ذلك فيَّ فقال: رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن، ورأيتُ أبا بكر وعمر يتلوان القرآن فلا يُصيبُهم هذا من خَشْية الله تعالى، أفتَرَى أنهم أخشى لله من أبي بكر وعمر، قال: فرأيت ذلك كذلك.
وقال عكرمة: سُئلتْ أسماءُ بنت أبي بكر: هل كان أحد من السَّلَف يُغشى عليه من الخوف؟ قالت: لا، ولكنهم كانوا يبكون.
وقال عبد الله بن عروة بن الزبير: قلت لجَدَّتي أسماءَ بنتِ أبي بكر: كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن؟ قالت: كانوا كما نعتهم اللهُ تعالى، تَدْمَعْ أعيُنُهم وتَقْشَعِرُّ جلودهم.
فقلت لها: إِنَّ ناسًا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن، خَرَّ أحدُهم مَغْشِيًّا عليه؟ فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وكان جَوّاب يُرْعَدُ عند الذِّكْر، فقال له إبراهيم النخعي: إن كنت تملكه، فما أُبالي أن لا أعتدَّ بك، وإن كنتَ لا تملكه، فقد خالفتَ من كان قبلك.
قوله تعالى: {ذلك هُدى الله} في المشار إِليه قولان:
أحدهما: أنه القرآن، قاله مقاتل.
والثاني: أنه ما يَنْزِلُ بالمؤمنين عند تلاوة القرآن من اقشعرار الجلود عند الوعيد، ولينها عند الوعد، قاله ابن الأنباري.
قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بوجهه سُوءَ العذاب} أي: شِدَّتَه.
قال الزجاج: جوابه محذوف، تقديره: كَمَنْ يدخُل الجنة؟ وجاء في التفسير أن الكافر يُلقى في النار مغلولًا، ولا يتهيَّأ له أن يتَّقيَها إلاّ بوجه.
ثم أخبر عمّا يقول الخَزَنة للكفار بقوله: {وقيل للظالِمِين} يعني الكافرين {ذُوقوا ما كنتم تَكْسِبونَ} أي: جزاء كَسْبِكم.
قوله تعالى: {كذَّب الذين مِنْ قَبْلهم} أي: من قبْل كفار مكة {فأتاهم العذاب من حيث لا يَشْعُرون} أي: وهم آمنون غافلون عن العذاب، {فأذاقهم اللهُ الخِزْيَ} يعني الهوان والعذاب، {ولَعذابُ الآخرة أكبرُ} ممّا أصابهم في الدنيا {لو كانوا يَعْلَمونَ} ولكنهم لا يعلمون ذلك.
{ولقد ضَرَبْنا للناس في هذا القرآن} أي: وَصَفْنا لهم {مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} أي: من كل شبه يشبه أحوالهم.
قوله تعالى: {قُرآنًا عربيًا} قال الزجاج: {عربيًا} منصوب على الحال، المعنى: ضربنا للناس في هذا القرآن في حال عربيَّته وبيانه، فذكر {قرآنا} توكيدًا، كما تقول جاءني زيد رجلًا صالحًا.
وجاءني عمرو إِنسانًا عاقلًا، فذكر رجلًا وإنسانًا توكيدًا.
قوله تعالى: {غَيْرَ ذي عِوَجٍ} روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: غير مخلوق.
وقال غيره: مستقيم غير مختلف.